أهلاً وسهلاً بزوارنا الكرام




الأحد، 14 مارس 2010

! فِي حُضنِ وَطَنِي !

" الوطن .. ذلك الطوفان الذي تتفجر معاني الانتماء من جوانبه..الوطن..تلك القافلة التي تحمل الحب في محطات التضحية..هو تلك الجنة العامرة بالخصب "

تلك المعاني كانت وردةٌ فتحت أمامي أبواباً لأعزف مقطوعات حبي لوطني على أوتار الإخلاص,فجأة..فتحتُ عيني, فرأيتُ نفسي أتقلب بين أحضان الشواطئ القطنية التي تعانق فوقها حصان الأمان الأبيض مع دمعة الفرح التي تقاذفتها أوراق شجرة الوطن,وكأنهما بذلك يرسمان لوحة تتراكم فوقها أكوام الضوء وتحدد لتاريخ حب الوطن ملامح جديدة تزخر بالصفاء.

عندها أخذت البقع القطنية تنبض كأنها نجوم خائفة في صفحة السماء,ورماني حضن وطني بخيط مضيء تسلل إلى أعماقي ليجعل سفن أفكاري الضالة تهتدي وتستقر في مرسى حبه, وبدأ يحدثني عبر صداه الذي يرتطم بالسماء ثم يهبط إلى أذني وكأنه نفحة السماء التي تخترق آذان الليل,فقال:أهلاً بكِ على هذه البقعة من قلبي الكبير,إن هذه البقعة عالم تتطاير فوقه خيوط الانتماء لي في دنيا شفافة,فتنسل من تحت ثيابها الغارقة وتخلع معالم الكره لتحلق في عوالم الذرّ,وكأن الركض الحثيث بين طيات كلامه قد عبث بفضولي فسألته:وهل كل شخص بإمكانه الدخول إلى هذه البقعة من قلبك؟ فضحك ضحكةً هزّت شرايين الجبل الشامخ لقوتها,وقال:إن قلبي كبير يسع كل من تتسلح روحه بحبي وبالتضحية من أجلي,دعيني أعرفكِ على أهم معلم على هذه البقعة البيضاء,فهززتُ رأسي معلنةً موافقتي فأخذني إلى شمس مشعة تتوسط الأرض وكانت إشعاعاتها لا تخلو من ترتيل آيات الولاء للوطن وكأنها ذلك العابد الزاهد الذي يتضرع ليلاً ونهاراً, ثم قال:إن هذه الشمس هي شمس حب الوطن التي لا تخلو أنفاسها من تمجيدي وكأنها أنفاس النجوم وقت الفلق.فتعجبتُ لروعة المشهد وتمنيتُ لو أبقى بجانب الشمس لمدة أطول,إلا أن تصاعدت أصوات عالية وكأنها أصوات سيارة شرطة قد أغضبها فرار جانٍ قد ألقت القبض عليه,وقدمت ومضة حملتني على ظهرها لتأخذني إلى البقعة الأخرى من قلب وطني.

وفي الطريق كان صدى وطني لا يفارقني أبداً إلا أن توقفنا عند خمس مثلثات متتالية,وقال حضن وطني:إن هذه الأشخاص التي تعبر الطريق في هذه السلسلة هي أركان الإسلام الخمسة.كنت أتأمل في المشهد وعلامات التعجب والدهشة تغلفني حتى أطرافي حيث أن أركان الإسلام كانت تسير على هذه الخطوط كالجمال التي تبحر في صحراء متموجة.

وحين وصلتُ إلى تلك البقعة المغلفة بالحرير الأحمر التي تشبه بركة من دماء التضحية تعالى صوت الصدى:إن هذه البقعة تمثل ورود التضحية الحمراء التي ينالها كل من يضع الوطن في ميزان حبه.فشعرتُ وكأن هناك أفعى مذعورة تتراقص بين حروف كلماته وتطلب وعداً صادقاً مني,فقلت:أعدك أن أكون خير مضحي من أجلك,وما إن انتهيتُ حتى لمعت وردة حمراء أمامي وأخذت ترتفع إلا أن وصلت إلى يدي,فشعرتُ وكأن ضميري قد وقع عقدٍ لا يستطيع التراجع عنه,وباتت الابتسامة مسمّرة في قلوب الوردات الأخريات كمسمار في لوح كحلي.

وما إن قدمت الومضة لتعيدني حتى لوحت لي ذرى النخيل وهي تحف الشطآن كعيون حورية شهيدة معبرةً عن اشتياقها للعودة,وأخذت السماء تسحّ مطراً ناعماً وكأنها تبكي بصمت ,وتشابكت القلوب في عناق صامت يعكس صورة رائعة من أروع صور التعبير عن الوداع ..


! !

1 التعليقات:

Ameena يقول...

مقال رائع ويستحق التقدير
وبالتوفيق